الأحد، 30 يونيو 2013

المبجَّل .. راعي شرج الملك .!!





تحدث الدكتور بول غاليونجي في كتابه طب الفراعنة عن الطبيب العبقري ( خوي ) ، ويبدو أن هذا الخوي قد فعل  للملك ما لم يفعله سامي للهلال ، إذ أن عدد ألقابه التي زينت جدران معبد سقارة يفوق عدد ألقاب هذا الأخير ، ومنها - على سبيل المثال لا الحصر - عميد أطباء القصر الملكي ، المفضل لدى إله الطب ، طبيب القصر الملكي ، المقرب لدى أنوبيس ، المسيطر على سم العقرب ، كبير أطباء الوجه البحري والقبلي ..

أما أعظم ألقابه على الإطلاق فكان ( المبجّل راعي شرج الملك )

طبعاً أنا لا أعرف غاليونجي ولم أقرأ له في حياتي
 ويعلم الله أنه لا شيء أحب إلي من أن يظن الآخرون بأنني أقرأ لهؤلاء الخواجات ، غاليونجي وألبرتو مورافيا وخيسيوس نافاز* ، لكنني للأسف الشديد لا أفعل ، ولولا أن الراحل الكبير مصطفى محمود قد أورد هذه المعلومة في كتابه ( الشيطان يحكم ) لما كنت عرفت شيئاً عن غلونجي وطبيبه الخوي .. 

ما علينا ،، 

كنت أقول بأن هذا الطبيب العظيم كانت مهمته الكبرى في الحياة هي المحافظة على شرج الملك سليماً معافى ، فيحرص على ألا يعكر صفو مؤخرته ناسور ، أو تقض مضجعها البواسير ، أو تذهب حكّةٌ بهيبتها الملكية ..
قد تبدو لكم - للوهلة الأولى - وظيفته مقززة ، فما الذي يدعوه للتفاخر بها ؟ 
أنا أيضاً اعتقدت ذلك في البداية ، لكنني - وبعد تفكر وتدبر - خلصت إلى استنتاج مهم ، 
أن الفراعنة لم يبلغوا هذه الدرجة من التقدم والتطور إلا بشفافيتهم الهائلة ، وقدرتهم على تسمية الأمور بمسماها الحقيقي ، هكذا بكل بساطة وتجرد ، لم يكن أحدهم يملك ترف تزييف الحقائق ، وقلب المسميات ، فالفرعون إله ما دام يفعل كالإله فعلاً ، يأمر فيُطاع ، والناس عبيد ما زالوا يتصرفون كالعبيد ، خانعين ، مستسلمين لبؤسهم .. 

أما هذا الذي يحرص على ألا تقضي الالتهابات على شرج الملك ، فهو راعي شرج الملك فعلاً ، هذه هي التسمية الوحيدة والمنطقية له .. 

لو فعلنا مثلهم وسمينا الأمور بمسمياتها الحقيقية لربما تطورنا وتقدمنا وأعدنا بناء صرحنا المتهدم .. 

على سبيل المثال نحن نسمي المنافق الذي يمنح الحاكم شرعيته ، ويقرر باسم الدين - والدين بريئ منه - حق ولي نعمته في قتل أبناء شعبه ، ويبرر للآخر سجنه للأبرياء ، ويعطي للثالث حصانة سماوية تمكنه من فعل ما يشاء دون خوف من مساءلة أو عقاب ، نسميه ( رجل دين )
مع أن الاسم الوحيد المتوافق مع ما يفعله ، ويتناسب مع ما يؤديه هو ( راعي شرج الملك ) !

فهو وحده من يبقي مقعدة الحاكم دافئة هانئة على الكرسي مدى الحياة ،
وهو وحده القادر على منع خازوق الثورة من الفتك بمؤخرته ..

أتمنى ألا يخرج من بينكم من يدافع عن الدين ، فأنا لست من أعدائه ، أو من يعتذر لرجال الدين معتقداً بأنني أهاجمهم ..
أتحدث عن الذي كذب فصدّقنا ، ومثّل فأقنعنا ، ونافق فخدعنا ..

أرجو منكم أن تفكروا بكل هدوء وشفافية وتجرد ، ثم قرروا بعد ذلك من الأحق بهذا اللقب الأنيق ، 

 هل هو ذلك الطبيب المسكين الذي لم يتنازل عن الكثير ، فقد كان مخيراً بين الاهتمام بالمسالك البولية للشعب وبين التفرغ لرعاية شرج الملك ، أم هؤلاء المنافقون الذين باعوا الدين واشتروا الدنيا ، من منهم يستحق هذا اللقب بكل جدارة واستحقاق ؟!

لقب ( المبجّل .. راعي شرج الملك ) .!