الأربعاء، 7 أغسطس 2013

العيد مرة أخرى .!

..
.

الأطفال ابتاعوا مفرقعات العيد منذ ما يزيد عن الأسبوع ..
واحتفلوا بإطلاقها ـ فعلاً ـ ليلة أمس !
وارتدوا ملابسهم الجديدة ..
بل وأخذوا العيدية كذلك ..
هم يعيشون فرحتهم بالشكل الصحيح !!
سماعهم بأن العيد قادم ، يعني الفرحة حتى ولو لم يأت بعد ..
ليسوا بحاجة بعد الآن للنوم حتى قبيل المغرب ـ كما يفعل الكبار ـ ..
ليسوا مضطرين للامتناع عن الأكل والشرب طوال النهار بالرغم من أنهما يتوفران ـ وبشكلٍ مبالغٍ فيه ـ بعد أذان المغرب !


ليسوا بحاجة إلى الكبار ليخبروهم بأن عليهم أن يناموا ثم يستيقظوا ثم يناموا ثم يستيقظوا مرة أخرى ، ليأتي العيد ..
وهذه هي طريقتنا الساذجة في شرح الأيام وتعاقبها للصغار ..


الكبار فعلوا المثل تقريباً ..
وإن لم يكفوا عن الصيام ..
إلا أن حماستهم للشهر قد خفت بعد خمسة وعشرين يوماً فقط ..
أعداد الحاضرين إلى المسجد في العشر الأوائل من رمضان تزيد بضعفين عن المنتظمين في الحضور بعد العشرين منه ..

قلة هم من استطاعوا الصمود حتى ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر الكريم ..
قبل أن يبدأوا بإرسال تهاني العيد ..

وصلتني رسالة ( معممة ) تبارك لي بهذا العيد الذي لم يأت بعد ..
أما كيف عرفت بأنها معممة !
فلأنني استلمت ـ وأشقائي ـ نفس النسخة ..

(( ما بقى للعيد غير وقتٍ قصير ، بس قلبي من غلاكم ما قدر ..
قال : ارسل وانا قبلك بطير )) إلخ إلخ من الكلام الفارغ المذيّل باسم المرسل ..
محبكم : فلان الفلاني

أنت تعرف تلك النوعية من الرسائل ، التي لا يعني كاتبها حرفاً مما ذكر فيها ..
ولا يعرف المرسل نفسه إن كان رقمه محفوظاً لدى الطرف الآخر أم لا ، لذلك يذيلها بالتوقيع !


ولو كنت أعرف أن أمري يهمّه ، أو فرحتي تعنيه ، أو ردّي يصنع عيده ..
لقمت بلثمِ جبين رسالته ..
وطرت بكل المحسنات البلاغية التي حوتها بطون الكتب حتى باب بيته ..

لكنها رسالة ( سقط عتب ) ..


أريد شخصاً يتصل بي ليشعر هو بالسعادة ..
شخص خطرت على باله ليلة العيد فشعر بأن عيده فارغ ـ كبطون الصائمين ـ من دوني !

لذلك أفهم فرحة الأطفال ..
عندما يأتي ابني ( ليقبل رأسي ثم يمسح شفتيه باشمئزاز )
ويأخذ العيدية ـ التي لن تتجاوز الريالين بأي حالٍ من الأحوال ـ !
وينصرف فرحاً وهو يستدعي المزيد من عفاريت العيد ليمتصوا ريالاتي البائسة

هنا أشعر ـ حقاً ـ بالسعادة ..
أفعل ذلك لأن لي دوراً في فرحة الآخرين ..
أما لو تجرأ طفل منهم وأخبرني بأنه يأخذ ريالاتي ليسعدني لكسرت رأسه !



ليس لأن فلان يتوقع بأنني سوف أرسل له تهنئة ، أفعل ..

الأطفال لا يذهبون إلى الحدائق العامة لإسعاد المراجيح !!!
بل لإسعاد أنفسهم ..

فتحت جوالي لأجرب ، أريد أن أراسل أشخاصاً لن يتوقعوا رسالتي ..
أريد أن أتصل بمن لم يعتقد أنني قد أتصل به ..


أبو أسامة ، أبو خالد ، أبو سعود1 ، أبو سعود2 ، أبو ضاري ، أبو عامر ، أبو عايد ، أبو عايض ..
تباً لتلك الطريقة العجيبة في تسجيل الأسماء ، لأنني ـ والله ـ لا أعرف إلا أبا عامر ، واسمه يحيى !

أما الآخرين فلا أعرفهم ، ولا أذكر الظروف التي سجلت بها أرقامهم !
كيف أرسل لشخصٍ لا أعرفه رسالة مفادها أنني ( قلبي من غلاكم ما قدر ) !
ناهيك عن أنني لن أفرح ـ أبداً ـ لو اتصلت بهم ..

بل أنا متأكد أنني سوف أكبدهم عناء الرد ، لأن الرد على المرسل مسألة أداء واجب ..

استمريت في البحث ، هكذا حتى وصلت إلى ( المصلِّح سيفول ) وهو عامل ـ يبدو من اسمه ـ من الجنسية البنجلاديشية ..
لا بد وأنه قد قام بإصلاح المغسلة ، أو تغيير زيت السيارة ..
والأرجح أنه صلح المغسلة فعلاً لأنه ليس لدي سيارة لأغير زيتها !

ضغطت على زر الاتصال وأنا أشعر وكأنني الأطفال في تلك الأغنية وهم يهنئون الغول ..
والتشبيه موفق جداً ، في حال كان الغول هو من يهنئ الأطفال طبعاً ..

قلت : السلام عليكم ..
رد علي قائلاً : وعليكم السلام ، مين !
أجبته : مصطفى ..
( وكأنه سوف يعرفني بمجرد ذكر اسمي ، وكأنني زميل عمره في السباكة ، أو صديقه من يوم كان البانيو طين )

قال في تشكك : مصطفى مين ؟

أجبته وقد ضايقني أنه لم يعرفني ولم يهتم لمباركتي : عيدكم مبارك ، كل عام وأنتم بخير .

قال : الحين محل سَكَّر ، مكيف خربان ! ( إذن هو قد صلح المكيف وليس المغسلة !! )

أجبته ـ بتناحة ـ : لا مافي شي خربان ، بس عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير !

قال في حيرة : طيب ، يعني مافي مكيف خربان !!

رددت عليه في غيظ : يا ابن الحلال مافي شي خربان يا صديق، أنت ما يبغى عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير !!

صوت الطوط طوط الأزلي ، الذي يعلن انتهاء المكالمة ..


إذن لا بد من الروتين ..

فتحت الهاتف ، وأرسلت لأبو فهد1 وأبو فهد2 وابو عبدو وأبو ياسمين وأبو محمد1 و2 و3
ما مفاده أن :

(( ما بقى للعيد غير وقتٍ قصير
بس قلبي من غلاكم ما قدر ..
قال : أرسل وانا قبلك أطير
قلت : بدري !
قال : مافيني صبر ! ))


إلخ إلخ من الكلام الفارغ الذي لا أعني منه حرفاً ، ولا أعرف إذا كان أبو محمد هذا يعرفني أو يحفظ رقمي ..
أم أنه مجرد معقب معاملات قابلته ذات تجديدِ إقامةٍ أو إضافةِ مولود !

ثم ذيلت كل هذا الكلام الفارغ بالتوقيع

محبكم : مصطفى