.
.
يعني أحياناً أضطر للتظاهر بأني أتفقد البريد الألكتروني ـ الخالي تماماً إلا من رسائل صديقي هوتميل شخصياً ـ نكاية بمديري الأمريكي ذي الأصل الفلسطيني ..
والذي يتقاضى راتباً شهرياً يزيد عن الثلاثين ألفاً بقليل ..
مقابل لا شيء تماماً ..
إلا أنه يقضي نهاره أمام شاشة الحاسب المحمول ( اللاب توب ) ـ
والذي تبلغ قيمته قيمة أجار شقتي السنوي كاملاً .. ـ تشيكينق هيز إيميلز .!
المهمة جداً
يقنعها بأنه أمريكي أكثر منها ..
كل ما في الأمر أن خطأ ما تسبب في أن يكون له أماً فلسطينيةً وأباً فلسطيني ..
وأربع أشقاء استشهدوا في مقاومة الاحتلال ..!
وأنه يؤيد الرئيس بوش في حربه على الإرهاب ..!
ويتحدث بأريحية كبيرة عن إسرائيل الشقيقة ( وليست الصديقة )
التي لم ترتكب ذنباً إلا أنها طلبت ضيافة قومٍ لم تعد من شيمهم إكرام الضيف ..!
بالرغم من أنه فلسطينيٌ جداً إلا أنه يصر على أنه أمريكي ..
ولا يتحدث إلا باللكنة الأمريكية ـ لكنة الزنوج تحديداً ـ
فيمطرك بسيلٍ من الـ شِت والـ شوت والـ دام ..
حتى لتظن أنه خرج لتوّه من فلم ( سنيكز أون ذا بلين لسامويل إل جاكسون )
لا يكف عن التهديد ـ بمناسبة وبدون مناسبة ـ بجوازه ..
وبسفارته التي سوف تضربنا بشدة على مؤخراتنا البلهاء لو اعترضنا طريقه .!
وكل ما في الأمر أن مجلس الإدارة قد أخر ترقيته لشهرين فقط .!
.
.
.
بريدي الفارغ الحبيب ..
لم أستطع أن أحب هوتميل ..
بالرغم من أنه الوحيد في هذه الدنيا الذي يراسلني ..
لكنني لا زلت أعامله بجفاء ..
وأمسح رسائله التي تطالبني بأشياء لا أعرفها ..
( إياها تعني لا شيء ولكن كان من الضروري أن أستخدم شيئاً لوصف ذلك اليوم ولم أجد أنه من الجميل أن أصفه بيومٍ صحو أو غائم أو ذي سماء مليئة بالعصافير )
المهم أنني استلمت بريداً جديداً ليس من هوتميل هذه المرة ..
وبأنني مرشح لأن أكون واحداً من بين خمسين ألف أحمق سوف ينالون شرف الحصول على الفيزا ..
وكل ما علي هو أن أملأ الأبلكيشين بالمعلومات اللازمة ..!
ابن أبي فداغة ..
العروبي الأصيل ..
يذهب إلى أمريكا ليغسل الصحون في أحد المطاعم هناك ..
ويتعرف على فتاة أمريكية تغريه وتغرر به ـ وهو الأصلع الدميم هزيل البنية ـ
وتوقعه في حبائلها ..
ليتزوجها وينجب زاك ( الذي من الممكن أن يكون زكريا لو حاول أحد العرب أن يكون لئيماً معه )
ومايكل ( الذي من الممكن أن يكون مناحي لو كان من يسأل عن معنى الاسم شخص أحمق )
وأحصل على الجنسية الأمريكية ..!
ثم أهيم في شوارع واشنطن أبشر بأمريكا الأم التي خلصتني من عروبتي البشعة ..
وأقضي الوقت في شتم الزعماء العرب ( على كيف أهلي )
دون الخوف من أن أقضي بقية عمري في زنزانة رطبة ..!
فالدنيا مليئة بالأبلكشنات التي يجب علينا ملؤها أحياناً ..
دون أن نقلق من العضو الخامل المسمى ـ عبثاً ـ بالضمير ..!
.
.
لا أعرف كيف ..
المهم أنه لا بد بأن الهاتف الذي يرن في الرابعة صباحاً هو هاتف لم يصح تماماً من النوم ..
وبالتأكيد لم يغسل وجهه حتى الآن ..!
مستافا ؟؟
المتصلة كانت فتاة أمريكية شقراء ، مائسة القد ، زرقاء العينين ، ناعمة القوام ، غضة البدن .. تسألوني كيف عرفت ؟
من المستحيل أن يكون هذا الصوت الملائكي الجميل إلا صوت ( فتاة أمريكية شقراء ، مائسة القد ، زرقاء العينين ، ناعمة القوام ، غضة البدن )
فالأحمق لا يبدو قادراً على تمالك أعصابه أمام هذه ( الفتاة الأمريكية الشقراء ، مائسة القد ، زرقاء العينين ، ناعمة القوام ، غضة البدن )
اتضح أن هذه ( الفتاة الأمريكية الشقراء ، مائسة القد ، زرقاء العينين ، ناعمة القوام ، غضة البدن ) تتحدث العربية ..
إذ اختارني الكمبيوتر لأكون من بين الخمسين ألف أحمق الذاهبين إلى أمريكا ..!
يعني ما تتصورين أنا أحب أمريكا كيف .!
ضحكة لا تصدر إلا من ( فتاة أمريكية شقراء ، مائسة القد ، زرقاء العينين ، ناعمة القوام ، غضة البدن )
وأخبرتني بضرورة الدفع إلى الحساب الفلاني في ( إسرائيل ) عن طريق بطاقة الفيزا ..!
لا بد وأنه قد لاحظ أنني لم أعترض على كون الحساب في إسرائيل .!
كل ما كان يدور في خلدي هو كيفية الحصول على بطاقة فيزا كارد لعينة لأدفع المبلغ المطلوب ..!
وتعد بالكثير من الدمقراطية والخير للبشرية ..
وأن إسرائيل مجرد دولة ( شقيقة ) وليست صديقة ..
وكل ذنبها أن هناك ثلة من جاحدي الجميل ..
يحاربونها ـ فقط ـ لأنها تنشد السلام ..
وترغب في أن تكون جزءاً من همومنا ..
أم أن كل ما في الأمر هو أنني شخص مقهور معذور وجدت فرصة للحياة ..
خصوصاً وان محدثتي ( فتاة أمريكية شقراء ، مائسة القد ، زرقاء العينين ، ناعمة القوام ، غضة البدن )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق