السبت، 25 مايو 2013

وبعد مرور سنتين ..!!

..
.

إنه مارس *..
ها هو فصل الشتاء يخلع اليونيفورم الخاص بالعمل .. 
يرتدي حلته القديمه ، هو ذاهب في إجازة طويلة .. 
ربما إلى القطب الجنوبي .. 

وها هو الربيع يتمطى في كسل ، يطرقع أصابعه .. 
إن أمامه فترة عمل قصيرة ، قبل أن يرتاح بدوره ليتيح المجال لزميله الصيف ..
الحقيقة أنه لا دور يذكر هنا للربيع أو للخريف ، 
إن دورهم يقتصر فقط على سد الفراغ البسيط الذي يشكله تغيير الشفتات بين الشتاء والصيف .! 



حسناً ، ما الذي يعنيه ذلك .! 
لا شيء ..
لا شيء يميز شهر مارس عن غيره من الشهور .. 
مع فائق احترامي وتقديري لهواة حدث في مثل هذا اليوم .. 
الذين لا يهمهم في سقوط الخلافة العثمانية إلا أنه يملأ خانة فارغة في ركن حدث في مثل هذا الشهر ..!

أحياناً يخيل إلي عندما أقرأ مثلاً عن استقلال المغرب ،
أنه أمر لم يحدث إلا ليحتفي به المغاربة سنوياً .! 
كل الأبطال الذين سقطوا ، 
كل الجهود التي بذلت ، 
أصبحت مجرد مناسبة سنوية على ورق ..!

نحن لا نكره إسرائيل إلا في أكتوبر .. 
ونتقرب منها في كل بقية العام .! 
أحد عشر شهراً نتحايل عليها ونقبل الأيادي طلباً للسلام ، 
وهي تصفعنا على أقفيتنا بكل جدارة واقتدار.!

حتى الورود الحمراء لا تصادرها الهيئة إلا في يوم الحب .! 
لا بأس إن أهديت عشيقتك وردة قبلها بيوم ..
لكن مجرد شرائك لزوجتك وردة في ذلك اليوم ، هو سبب كاف لتجريمك .. 



هل تصدقون أنني لا أعرف في أي شهر أو يوم ولد رسول الهدى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .!
لكنني أعرف اليوم المنشود وأسارع لتهنئة أهلي وأصدقائي ..
بمجرد إلقاء نظرة واحدة على برامج التلفزيون في ذلك اليوم .! 
كل قنوات الدنيا ، حتى قناة تشاد التي تفتح ساعتين يومياً .! 
تعرض فلم الرسالة للعقاد .! 

أو أي فلم آخر من الأفلام التي تصور مجموعة من المشركين يقهقهون ، 
ويرقصون مع الجواري .! 
ممسكين بأفخاذ الدجاج .. والخمر يسيل من أشداقهم .!

الغريب أن أبا لهب وأبا جهل كانت لهم لحى كثة .!
أما عمار بن ياسر ( رضي الله عنه ) فقد كان مقيّف السكسوكة .! 
حتى خالد بن الوليد كان ملتحياً عندما كان مشركاً ،
ولكنه قام بتقصير لحيته ، وحلقها على الطراز الإماراتي عندما أسلم .!
مما يدلك على أن مخرجي أفلامنا هم ( أي كلام ) .! 
حسناً ، ما الذي يعنيه ذللك .!

لا شيء ، إلا أنني أعيب على هواة حدث في مثل هذا اليوم ..
كذلك أعيب على كتابه .!

وهذا مجرد ( تلكّك ) حتى أفعل مثلهم ..

أريد أن أكتب عن شيء حدث في مثل هذا الشهر .!

شهر مارس تحديداً ..


ليس وفاة ستالين ، ولا احتلال العراق .!

وبالتأكيد ليس احتفالاً بذكرى تسلم محمود عباس لمهامه .! 


أنا .. 

نعم أنا ..

أنا حدثت في مثل هذا الشهر ..

في مثل هذا الشهر من العام ألفين وسبعة انضممت إلى الساخر ..


حقاً إنه لطز .! 


ليس حدثاً كونياً يستحق الملاحظة .. 
وليس شيئاً يحتفى به ..

إنما أردت أن أقول بأنني سعيد .!
سعيد جداً ..


حسناً ما الذي يعنيه هذا .!!
لا شيء .. 


طيب .. 
شيء آخر يستحق الذكر .! 
لا شيء يستحق الذكر .. 
على الأقل ليس لدي أنا ..

لست شخصاً أهوى الاستماع إلى صدى صوتي وأنا أغني في دورة المياه ( أكرمكم الله ) 
أو مجرد رقيعٍ آخر ممن يقبِّل انعكاس صورته في المرآة .! 
وليس حديثي عن نفسي هو من باب ، لا شيء غيري يستحق أن أتحدث عنه ..
لكنني حقاً لا أملك شيئاً آخر لأقوله ..

حتى لو كتبت عن غزة فلن يرضيكم ذلك ، ولن يشبع رغباتكم ..!
وذلك لأن الاعتداء على غزة لم يحدث في مثل هذا الشهر .! 


إنما أريد أن أكتب عن السنتين اللتين قضيتهما هنا ..

أولاً : ماذا قدمت للساخر ؟
ثم : ماذا قدم لي الساخر ؟

ليست محاولة للتواضع الكاذب أن أقول : أنني لم أقدم للساخر أي شيء يذكر .!

لا شيء غير الحب ، الكثير منه ..
ولأنني أعرف أن الساخر ليس خير مكانٍ لتفريغ العواطف ، 
فلن أمنّ عليه بشيء كهذا ..!


لكنه من نافلة القول فقط ..


حقاً أنا أحب هذا المكان ..

قطعاً هذا ليس أجمل موقع في الدنيا ، وبالتأكيد ليس الموقع الأوحد المهتم بالأدب ..
وليس خير مكانٍ لتقدم محاولاتك الضعيفة ، أو لتتعلم المشي ..

لن تجد هنا طشتاً مليئاً بالماء الحار والملح ، لتريح قدمي حروفك ..
لن يقوم أحدهم بتدليك مواضيعك ..


أنا أحب الساخر ، ليس لأنه الأجمل ..
ولا أراه كذلك ..
إنما أحبه لأنني أشعر تجاهه بالانتماء ..



أنتم لا تحبون بيوتكم لأنها الأجمل ، بل لأنها بيوتكم ..


إن شعور المواطن النيجيري تجاه نيجيريا ، 
هو ذاته شعور السويسري تجاه سويسرا ..


لا يعني هذا أنني أعتبر نفسي سويسرياً لا قدر الله .. 
بقدر ما أعتبر أن الساخر نيجيريا !




أما ما قدمه لي الساخر ، فتلك حكاية أخرى ..


ذكرت في موضوع قديمٍ لي كيف أن استقبال الساخرين لضيوفهم الجدد يشبه كثيراً استقبال جنرالات الجيش للمجندين الجدد .!!

فيه الكثير من القسوة ، والجلافة ..
لكن فيه انضباط وحيادية ..

ولم أعرف كم كنت محقاً بهذا التشبيه إلا عندما شاهدت برنامجاً على قناة 
(NATIONAL GEOGRAPHIC CHANNEL)

يعرض كيف يستقبل القادة في البحرية الأمريكية المجندين الجدد .. 
يستقبلونهم بحفلة تسمى ( حفلة السخرية ) 

يتعرض فيها المستجدون لكل أنواع السخرية ، مثل تسابقهم في الوحل ، يصبحون هدفاً للبنادق الملونة .. يتم رشهم بالماء البارد ..!
والكثير من الطقوس الأخرى المضحكة ..

يقول الخبراء النفسيون في البحرية الأمريكية ، أنهم ابتكروا هذه الحفلة ليخرجوا المستجدين من حالة الضغط النفسي لكونهم جدد ، فقد كان معتاداً أن يتعرض المستجدون للسخرية الدائمة، ولا يكف غيرهم عن اعتبارهم مجرد مستجدين حمقى حتى تأتي دفعة أخرى ..
أما حفل الاستقبال هذا ، فهو يستمر لمدة يوم واحد ، يصبح بعدها الجميع سواسية .! 



حسناً ، ما الذي يعنيه ذلك .!
لا شيء ..

إلا أنك تصبح ساخراً متى ما عرفت أنك لست فوق مستوى السخرية !! 
هنا لن يخبرك الآخرون كم أنك جميل ورائع ، 
لمجرد أنك رقم في الطريق نحو المائة ألف عضو .! 




ما الذي قدمه لي الساخر ؟

الشهرة ..
الكثير منها حقاً ..
وأنا ممتن لذلك ..

لم يجعلني الساخر أتقاضى مائة ألف دولار في الأسبوع مثلاً ..
أو حولني إلى نجمٍ جماهيري يتقاضى ثلاثين ألفاً مقابل إحيائه حفلة لساعتين ..

لكنه على الأقل جعلني معروفاً ـ نوعاً ما ـ على مستوى كتاب الإنترنت ..
وأكرر وأقول أنني ممتن لذلك فعلاً ..
صحيح أنهم لا يعرفون إلا ابن أبي فداغة ، ذلك الكائن الإنترنتّي المجهول ..
وهذا لا يحزنني قطعاً ، ليس مصطفى القابع في الظلمة شيء يستحق أن تحزن على عدم معرفته ..

لم يكتف الساخر بتعريف القراء الأفاضل في عالم الإنترنت بي ..
بل لقد حصل ما هو أجمل من ذلك بكثير ..

لقد أرسلت رسالة لواحد من الكتاب (الجميلين)  والذين أقرأ لهم باستمرار في واحدة من كبرى الصحف في المملكة العربية السعودية .!

لأعلق على واحد من مقالاته، متظاهراً بالفهم والعمق والحكمة ..!
منها أضيع وقت في فترة انقطاعي عن الساخر ، ومنها ( أترزز ) عند هالكاتب ..
وكان أن ذيلت رسالتي بتوقيع : عمل الطالب ابن أبي فداغة 

فكان أن وصلتني رسالة منه بعد يومين ، تسأل إن كنت أنا ابن أبي فداغة الكاتب في موقع الساخر .!

أصبت بالذهول حقيقة ، مهما حاولت فلن أستطيع التعبير عما شعرت به ..
والله أن هذا الموقف حصل فعلاً وليس من نسج الخيال على الإطلاق ..

رددت على رسالته بكثير من ( شوفة الحال ) وبدأ أسلوبي يتغير ، 
من أسلوب القارئ المتيّم ، الذي يتمنى أن يعبِّره الكاتب ..!
إلى أسلوب الكاتب الزميل ، الذي يحدث الآخر نداً لند ..!

حسناً .. ما الذي يعنيه ذلك ..
لا شيء .. 
ما معنى أن يعرفني أحد ما ..
إذا كان من حولي حقاً ـ أقصد حول مصطفى وليس حول ابن أبي فداغة ـ لا يعرفون عنه إلا أنه أصلع دميم .!

على قول شعبان بن عبد الرحيم ، ما الذي يهمني في محبة شخص في الصين ولا في أستراليا ، إذا كان اللي حواليّا بيكرهوني .! 
وماذا يضرني كره شخص في فنزويلا ، لو كان اللي حواليّا بيحبوني .!

المهم ..
لم يكتف الساخر بذلك ..
مع أنه من أروع الأشياء في الوجود أن تجعل أحداً ما يشعر بأنه محسوس ..

لكنه لم يكتف بتعريف الآخرين بي ، أقصد الآخرين أي الكتاب ، أو هو في الحقيقة كاتب واحد فقط ..




لكنه عرفني على الكثير من الكتاب والأدباء ..

ومثل ما أن هذا المكان لا يصلح للتواضع الكاذب ، 
فإنه كذلك لا يصلح للغرور الكاذب ..

وإلا لكنت صمت واكتفيت بالتظاهر بأنني لا أعرف أحداً ..

يكفيني حقاً أنني عرفت هنا ، عبدالله القرني ، سلام ، إبراهيم سنان ، ماجد راشد ، قافية ، أحمد المنعي ، ممتعض ، البارع ، إبراهيم طيار .!

ليسوا هم الوحيدين والله ، لكنني أخشى أن يتحول هذا الموضوع إلى معروض لاستجداء الردود ، لذلك اكتفي بذكر من ذكرتهم ، ولكن هناك غيرهم طبعاً ، تشرفت بمعرفتهم ، والتعلم منهم ، بل وحتى محاولة الارتقاء لمستواهم ، ومجاراتهم أحياناً ـ أو محاولة ذلك ـ .! 

حسناً ، ما الذي يعنيه ذلك .!

لن أقول لا شيء ، بل هو كل شيء .!
التشرف بمعرفتكم ، هو والله أجمل شيء ..

محبة أصدقائي القلائل الذين يشرفونني بمتابعتهم ، وقراءتهم ، وتشجيعهم ..
هو ما أضحي بالغالي والنفيس لأحافظ عليه ، ولأستحقه حقاً ..


ما الذي قدمه لي الساخر .؟

أو في الحقيقة ، ما الذي أخذه مني الساخر ..!

لا أريد أن أبدو أمامكم بمظهر ( قليل الإيمان ) الذي من الممكن أن يلهيه شيئ ما عن عباداته .!
ولا أريد أن ألصق ضعف إيماني مثلاً بالساخر ..
لكنه حقاً كان يؤخرني عن الصلاة في مراتٍ كثيرة ، ويمنعني من التركيز في دوامي في مراتٍ أخرى .!
بل أنني ضبطت هارباً من عملي غير مرة ، والسبب هو الساخر .!

لست ألومه على شيء ، في النهاية 
أنا من اخترته .. 


آخر شيء ..

لن أنسى أن أقول بأنه عمل الطالب : ابن أبي فداغة .. بالرغم من مرور سنتين

هناك 6 تعليقات:

  1. تعرف الشيء الذي أعجبني في المقالة؟!!
    لا شيء..

    تعرف ماذا شعرت اتجاهك بعد قراءة هذه المقالة؟!!
    لا شيء..

    " ملاحظة": هناك فائدة استفدتها من المقال وهي:.
    أن لا شيء تعني الشيء الكثير...

    تقبل مرور تلميذك البليد ..

    ردحذف
    الردود
    1. هل تعرف ماذا يعني لي تعليقك !!


      كل شيء ، فهو أول تعليق يشرفني به أحدهم في هذه المدونة ، فشكراً لتشريفك

      حذف
  2. لازلت ابحث عنك ايها الافدغ الجميل كلما احسست انني بحاجة لمعرفة الحقيقه التي هي ( انني لا أساوي شيء ).. !
    الغريب انني لا استمتع بقراءة ماتكتب الا وانا استمع لموسيقى ..
    والأغرب من ذلك ان الموسيقى يجب ان تكون رومانسيه !!

    ردحذف
    الردود
    1. الموسيقى الرومانسية ليست الشيء الوحيد الغريب في ردك ، بل اتهامك لي بالجمال أيضا ..

      ألف شكر للإطراء الذي لا أستحقه ، نورت المدونة

      حذف
  3. لم ادمن في حياتي الا قلمك....منذ عام 2007 .كنت ابحث عن اسمك تحديدا وعن تخاريفك في كوكل وجدتك هنا لحظي السعيد كأول موضوع قرأته لك صدفه...وهو..€ولانني كاتب مشهور فأنا اعتذر عن الرد على تعليقاتكم€اسعدني لقاء ابداعك

    ردحذف
    الردود
    1. أنا أسعد ، شرفتني بحضورك .. شكرا ، شكرا

      حذف