السبت، 25 مايو 2013

سوفَ أعودُ قبلَ شويّ .!!

...
..

الشيء الوحيد الذي يستطيع فعله مريض الفشل الكلوي حتى يؤخر مسألة رحيله عن هذه الدنيا هو غسيل الكلى .! 

فما الذي يستطيع فعله مريض الفشل القلبي ؟!

غسيل قلب طبعاً .! 


أحب ممارسة غسيل القلب ..
وهو شيء أشبه بغسيل الكلى الذي يتعرض له مرضى الفشل الكلوي ..
أي أنه العلاج الناجع الوحيد لمرضى الفشل القلبي ..

الفضفضة ..

أنت تمنح شيئاً رخيصاً ، وهو الكلام أو الكتابة ..
فتحصد الراحة ، والسكينة والسلام ..
صفحة واحدة تتخلص منها ، كفيلة بإزالة أطنان من الصديد الجاثم على روحك ..


\
\

تداعي الذكريات لعبة جميلة أحب أن ألعبها بين الحين والآخر ..
دع كل شيء يخرج ، الشيء الحقيقي وليس الشيء الذي يكتبه هواة المذكرات ..
يعني لا تصنع من نفسك بطلاً على الورق ..
لأنك لن تصبح كذلك حقيقة ، تحدث عن أمور حقيقية في حياتك ..
فالحياة كفيلة بأن تجعل منك بطلاً حتى ولو كنت فاقد الأهلية ..
الخيبات ، الصراعات ، الفشل ، العبثية ..

هذه بطولة تستحق أن يسمعها أحد ..

على الأقل هي حياتك .!



أهلاً بكم مرة أخرى 


\
\

أما كيف تعرف أنك مصاب بالفشل القلبي .؟


فمعرفة ذلك سهلة .. 

هل تمت تهيئتك لتكون طبيباً ، فأصبحت موظف استقبال للفترة المسائية في مستوصف خاص ! 
تتسلى بمشاهدة الجراح وهو يقوم بتطهير الرضع .! 
أو الـ ( Circumcision ) للمتحذلقين ..! 

هل كنت تحلم بأن تصبح لاعب كرة قدم سيئ .! 
أو مذيع تلفزيوني فاشل ! 
أو مطرب شعبي رديئ !
ولكن كان هناك من يحلم ( لك ) لتكون مهندساً !! 

لم تصبح أي شيء مما خطر في أحلامك .. 
وأثبت لك ذاك الأحدهم أنك لا تجيد الحلم !
لكنك في المقابل ـ لم تصبح مهندساً ـ 
مما يعني أنك عجزت عن تحقيق حلمك الخاص .!
فكيف تستطيع تحقيق حلم الآخرين ..!

هل كرهت نفسك يوماً لأنك لم تستطع تحقيق آمال وتطلعات الآخرين ؟!
هل تحملت وزر الإحباط الذي شعرت به أمك لأنك لم تصبح معلماً ؟!
هل تشعر بأنك أفضل من الآخرين ، لكن الظروف لم تنصفك ؟!
هل شعرت بأنه لا هم للعالم إلا أن يقف ضدك ويؤخرك ويهدم أحلامك ؟!

إذن .!!

أهلاً بك في نادي ( الفشل القلبي ) .! 



.. 




الجميع يرغب بأن يكتب عن فشله في اختبارات الثانوية ، 
عن موقفه المحرج وهو يسبر غوار أنفه عند الإشارة ، 
ف( كفشته ) فاتنة شقراء في سيارة بجانبه !
( وهذا هو الموقف الوحيد الذي جمعه بامرأة ) ..!
لكنه يجد أنه من الأرقى أن يكتب عن جميلته التي حل جديلتها ! 

الناس يمنعها برستيجها ، وأنا ( ليس لدي واحد ) ! 


لا أريد أن أكون شخصية ( فوتوشوبية ) !! 


لن أستطيع أن أخفي أنفي الضخم خلف أنف الوسيم ( تركان ) ! 


بل أستطيع لكنني لا أرغب بذلك .! 



ما العيب في أن يعرف الآخرون أنك عملت ( قرسوناً ) ! 

وأنك قبلت (التيبس) ! 
وأنك أسقطت عدة أطباق في مناسباتٍ مختلفة .! 
وأن السوبر فايزر الفلبيني ( عنّفك ) ! 

لدينا في الحي ثلاثمائة مسنّ ( شايب ) 

كانوا ضمن الأربعين الذين فتحوا الرياض برفقة الملك عبد العزيز ! 

ولدينا في كل موقع تواصل خمسة ( نواف ) مدير البنك السعودي الهولندي في شارع الستين ! 


( إن كان هناك نواف فعلاً ، ومدير للبنك السعودي الهولندي فعلاً ، والبنك في شارع الستين فعلاً، فأنا أعتذر منه لأنني لم أقصد أن أجيب في سيرته بل هي الصدفة فقط ) 



هناك رغبة عنيفة داخل كل شخص يعيش حاضراً ( تافهاً ) 

أن يزور تاريخاً ( عظيماً ، جميلاً ) !
بينما نجد كل إنسان يعيش حاضراً ( مزدهراً ، ناجحاً )
يسعى لتزييف وفبركة تاريخ
( سيئ ، سخيف ، محبط ) !!


( النوع الأول متفشي بين يوزرات الإنترنت عموماً ، حيث تضع لنفسك أساساً ، وتصنع لك شخصية أخرى تعيش في المجتمع البديل حياة أخرى ..! 

حياة كاملة بجميع أبعادها ، كتلك التي تعيشها شخصيتك الحقيقية خلف الشاشة .! ) 



( والنوع الآخر متفشي بين الفنانين والرياضيين والمشاهير عموماً .! 

لا بد لكل فنان ورياضي من تاريخ محبط مليئ بالفشل ، حتى يقول بأنني صنعت نفسي ! 
أنا صاحب الفضل الوحيد في ما أصبحت عليه .! ) 

أنا لست الأول ، ولست الثاني ! 

لا يزال حاضري امتداد لتاريخي ، وعلى الأرجح هو مقدمة لما سوف أعيشه في المستقبل ! 

قد تكون وظيفتي خيراً لي ، وقد لا تكون .! 

قد أصبح شيئاً مهماً وقد لا أصبح ..
قد يموت كل إنسان أحبه اليوم ، وقد يموت لاحقاً ! 
لن أكف عن حبهم بالتأكيد ، ولن أكف عن الاستمتاع بطعم القلق عليهم ! 
الخوف على مستقبلهم ! 

أمي تراني إنساناً عظيماً ! 

والدي يعتقد أن بإمكاني أن أكون أفضل ..
وهذا يعني أنه يراني شيئاً لا بأس به ! 

أما أقصى طموحات ابنتي فهي ألا أذهب إلى العمل ! 

وأن أقضي معها أطول وقتٍ ممكن ! 

أحياناً تؤرقني فكرة واحدة ..

يوماً ما سوف يزول هذا الجمال كله ..
إما لأسباب طبيعية جميعنا نعرفها
أشياء خارجة عن إرادتنا .. 
أو لأسباب أخرى نابعة من حماقتنا ورعونتنا ..

مثلاً : 

خلاف بيني وبين زوجتي ، ثم أقرر أنا فجأة ( أنني لم أعد أحتمل ) ! 
أو تقرر هي ـ برضه فجأة ـ أنني ( أصبحت لا أطاق ) ! 
ثم الطلاق ..
ويتلاشى كل شيء ..
لن يطلب مني أحد بعد ذلك أن أضع الملح في الطعام ! 
حتى لو خربت الطبخة لا ألومها .!
لن أطلب من أي أحد أن يضع الفلفل الأسود على طبق البيض المقلي بدلاً مني ذلك أني مصاب بالحساسية !
لن تنشب بيني وبين أي أحدٍ مزيد من الخلافات ، 
ثم أتظاهر بأني غاضب وأن هذه هي نهاية العالم بشكله الذي نعرفه .! 
أحبس نفسي في غرفة وأتظاهر بأنني أستمع إلى ماجد المهندس ـ الذي أكرهه بالمناسبة ـ 
والله واحشني موت ! 
وتتظاهر هي بأنها تستمع لمايا مصري ـ أخبارك إيه .! 

حتى عندما أغادر المنزل وقد بلغ مني الغضب مبلغه ، أجد أنه لا أحد يحفل بي حقيقة !

وأنني أنتمي إلى هناك ..
إلى المنزل !

في الخارج ، جميعهم يلقي عليك التحية لأنهم تعودوا على ذلك ! 

كلهم يبتسم في وجهك لأن الابتسامة في وجه أخيك صدقة 
والرسول عليه الصلاة والسلام قال ذلك .!
كلهم يعزمك على كوب الشاي الوحيد الذي أمامه ( عزومة مراكبية ) 
لأن الذوق يقول ذلك ! 

الشخص الوحيد الذي يفعل كل ذلك ، لأنه يحب ذلك ،

قابع هناك في البيت !! 

البيت الذي تركته ـ للتو ـ وخرجت منه لفرط حماقتي .!


فأجدني وقد عدت مرغماً نادماً على كل لحظة قضيتها خارجه !


هذا سيناريو محتمل .. 


هناك سيناريو آخر لما ستؤول إليه الأشياء .. 



هل يأتي ذلك اليوم الذي أصبح فيه شيخاً مملاً ! 

أو كهلاً متطلباً ! 
بدلاً من أن أمنح أهلي الأمان والسعادة .! 
أطلبها منهم ، أسرق منهم راحة بالهم واستقرارهم ..!

هل سيتمنى أي أحد منهم أن يقضي وقته معي !! 

..


أنا شخص أعاني من الخوف المرضي بكل أنواعه وأشكاله ..!

لن أسرد أنواع الفوبيا التقليدية ، الخوف من ركوب الطائرات ، والأماكن المغلقة ، والمرتفعات ، والبرق ، الظلام ..
بل وحتى البشر .!

هناك أنواع غير تقليدية من الفوبيا .. 

كنت أخاف من الطلاق حتى قبل أن أتزوج .!
وأخاف من ( الترمّل )
أخاف من فقد الأبناء ..

أنا 

أستيقظ في اليوم مائة مرة لأتفقد حرارة ابنتي ! 
واستقرار تنفسها .!
وأعدِّل وضع جسدها النائم إلى وضع أظن أنا أنه مريح  !
إذا نامت على جانبها الأيسر أفكر هل ذلك مرهق لقلبها الصغير .!
فأعدل وضع جسدها حتى تنام على ظهرها .!
ثم أصبر قليلاً قبل أن أقرر أنها غير مرتاحة في التنفس !

إنها تصدر شخيراً خفيفاً .!


فأهرع من فوري لتغيير جسدها لتنام على الجانب الأيمن ..


أظن أن جسدها يضغط على يدها اليمنى !

وأنا أخاف من الغرغرينا ! 

وهكذا أدخل في دوامة لا تنتهي من التفكير .. 


والآن مع الهوس الناجم عن مرض ( انفلونزا الخنازير ) !


أدفعها لغسل يدها بالجل المطهر كل نصف ساعة ..

ولا أسمح لها بالاختلاط مع الأطفال .. 
ابتعت لها ( قيم بوي ) ، والكثير الكثير من ألعاب فلة وباربي حتى لا تشعر بالملل ! 

تخيلوا مشاعر طفلة صغيرة تضطر لارتداء الكمامات لدى خروجها من المنزل ! 


المشكلة أنني أعرف ـ حقاً ـ كيف تشعر ! 

ومع ذلك لا أستطيع أن أمنع نفسي من الخوف والقلق ، بل الهوس .!

الأشخاص الموسوسون ، هم أشخاص يعانون من شبهة ( مرض عقلي ) 

ويحولون حياة أحبائهم إلى جحيم !
بل وحياتهم هم أنفسهم ..

ولا يستطيعون الاستمتاع بأي دقيقة فرح دون أن يفكروا ألف مرة بأنبوبة الغاز التي ستنفجر !

والسخان ، وماء الشرب الملوث بالأوزون ! 
وسرطان الدم الذي سوف يختار أحبته دوناً عن العالمين ..

والجذام الذي سوف يقطع آلاف الأميال متجاوزاً جميع المناطق المدارية ليصيب أهله وذويه .!

لذلك يحاول هؤلاء ( أي الموسوسون ) أن يزيدوا جرعة الفرح أطول فترة ممكنة !
وأن يطيلوا لحظات السعادة قدر المستطاع ! 
لأن ذبابة التسي تسي لن تلبث أن تعكر صفو تفكيرهم !
يقولون : بأن تلك الذبابة لا تعيش إلا في أفريقيا ..

تباً لهم .! 

وهل ستخبرهم الذبابة إذا ما قررت تغيير مقر إقامتها مثلاً ؟!



هذه أشياء قد تنغص علي هنائي وسعادتي .. 

لكنني أعيش متعة الرحلة ..

عندما أحضن ابنتي ، وأشم رائحة شعرها المتجعد القصير .! 

يخنقني التفاؤل ، وطعم التفاؤل لاذع لمن لم يجربه كثيراً ..
أنا لا أعرف رائحة زهور الجاردينيا ! ( لأنني لا أحب الزهور أيضاً ) 
لكنها حتماً ليست أجمل من رائحة بقعة العرق الصغيرة التي تكونت على المخدة .!
ولا أعرف حاصل خلط زهور الياسمين والسوسن والفل والبيجونيا وزهور البرتقال ! 
لكنني أجزم بأنها لا شيء مقارنة بآثار الرائحة التي يتركها شعرها على راحة يدي !! 



.......



( خرافة اسمها محسن ) !!




إنها سن الحادية عشر أو الثانية عشر ، بداية سنين المراهقة ..

إنها السن التي يبدأ شعورك فيه بالتغير !
كل مافي الأمر أنك تكبر ..
أنت لا تعرف ما الذي يحدث تحديداً ..
لكنك ـ فجأة ـ بدأت تحب جميع طالبات المرحلة المتوسطة ..
وبدأت تعيش قصة حب ( وهمية ) مع جميع فتيات الحي .!
حتى أن حب ( خلود ) يكاد يذهب بصوابك ! 
خلود التي يتضح فيما بعد أنه لا وجود لها ..
وأنها ـ فعلاً ـ من بنات أفكارك !!
كم يبدو التعبير صادقاً ! 

أنت في ( مرحلة المراهقة ) 

فأهلاً ومرحباً بك !!

...

الحقيقة أن هذه السن هي أصعب سني العمر ..
في هذه السن ، يقرر القائمون على مبنى ( مرحلة الطفولة ) !
أن الوقت قد حان لطردك ، وأنك أصبحت عهدة في أيدي العاملين في مبنى
 ( مرحلة الشباب ) !
ناسين أو متناسيين ذاك الزقاق المظلم الضيق بين المبنيين !
مرحلة المراهقة !!
ذلك الزقاق سيئ السمعة ، المليئ بالمشاكل والاضطرابات !
هناك حيث أسامة يدخن ، وسلمان يوزع الصور الخليعة !
وخالد يدعوك لكره الكفار الذين لا تعرفهم ولا يعرفهم هو كذلك !

هذا الزقاق الذي قد يضيع فيه المرء طوال حياته !



في هذه السن ..

حين جربت أول سيجارة .. وشعرت بأنفاسك تضيق !
وأنك موشك على القيئ ..
سعلت بقوة حتى ليوشك ساندوتش الفلافل الذي تناولته صباح اليوم على القفز من عينيك !
لا يبدو في الأمر أي متعة .! 
لكنك تحاول ، وتثابر ، حتى تتمكن من تمرير الأنفاس الملوثة إلى صدرك !
وعندما تنجح في نفثها في خط طويل متصل ! 
يصفق لك أسامة ، ويربت على ظهرك في سعادة !

في هذه السن ..

حين كنت تفاخر بأنك صاحب أكبر بقعة ( مشق ) في يدك !
وأكبر شق طولي في ( كعب رجلك ) !
وأنك صاحب أقذر قميص .. 
وأسوأ نتائج دراسية ..!
وحامل الرقم القياسي في المكوث خارج المنزل !

في هذه السن ..

حين انتهت تسلية الأطفال البريئة ! 
المقتصرة على القفز والنطنطة ..
وبدأت تسلية المراهقين ـ البريئة كذلك ـ المتمثلة في رمي القطط بالحجارة !
وتكسير زجاج السيارات ، والسرقة من ( بندة ) للمتعة ، وللمتعة فقط !!


في هذه السن ..

حين بدأت تتشكل لديك موهبة الأذية ، ولو كنت في أمريكا لأصبحت مشروع
 ( قاتل متسلسل ) 
لا يشق له غبار !
هناك حيث يشكون في أن أي طفل لا يسمع كلمة ماما ، ويصرخ كثيراً ، ويبكي ، ويضطر والده لضربه ، ويزعج الأطفال ، ويرمي الحيوانات بالحجارة ! 
أي طفلٍ يحمل تلك الصفات هو مشروع قاتل متسلسل ولا بد !!

لو كنت هناك ، لقمت بقتل أي شخصٍ أحول !

على اعتبار أنني ( أحول ) كذلك ..
ومن الطبيعي أن أكون معقداً كارهاً للحول ..!
أو أقوم بقتل كل إنسانٍ يتحدث عن القضية الفلسطينية !
ثم أتظاهر بالجنون ، وأدعي بأنني كنت أنفذ أوامر الله ..
وأن الوحي قد جاءني بضرورة قتل كل من ( يتحدث ) عن القضية ..
لأنه يظهر على حساب كل من ( يفعل ) لأجل القضية !
ثم أقضي فترة لا بأس بها في السجن ..
ثم مصحة ، ثم أقوم بتأليف كتابٍ ناجحٍ عن ( القضية ) !
وأصبح مليونيراً !


في هذه السن ..



حين ظهر ( محسن ) !!


...

لم يكن غريباً أنني همت حباً بمحسن ..
ومن الأحمق الذي لم يفعل !

إنه النموذج الموحد للمراهق السوبر ، لقد كان صاحب أسوأ نتائج دراسية !

في الثالثة عشر من عمره ولا يزال في الصف الرابع الابتدائي !
لديه بقع ( مشق ) منتشرة على أجزاء متفرقة من جسده !
وهي موجودة طوال فترة العام !
أي ليست مشقاً موسمياً مثل الذي لدينا ..

ثم إنه صاحب الأرقام العالمية للمكوث خارج المنزل !

إنه لا يدخل منزله إلا نادراً ، ربما لغرض ( تليين العضلات ) مثلاً !


يكرهه جميع الآباء والأمهات ، هناك أكثر من أب أقسم على أنه شاهده وهو يلعب بمحتويات ( الزبالة ) ! 

معتقدين بأنهم ينفرون أولادهم ( المتربين كويس ) من ذاك المسخ .!
ولم يجل بخاطرهم أن هذه من علامات ( الفذاذة ) ..

والأجمل من كل ما سبق ، أن محسن لديه أروع أبٍ في الوجود .!

والده هو الحلم الأوحد لكل مراهقي العالم .!
ببساطة لديه أب غير موجود على الإطلاق !

الأب صاحب معرض للسيارات ، من الآباء التقليديين المؤمنين بأن مهمتهم في الحياة هي أن يملأ ثلاجة المنزل باللحم والدجاج والتفاح والموز ! 

وتجميل فناء المنزل ب(بيت شعر) جميل !

إنه يفعل كل ذلك وأكثر بكل تمكن واقتدار ..

وقد ترك مهمة تربية الأولاد لأمهم ..
الأم الحنون بطبعها ، التي سرعان ما تنسى كل التهديدات والوعود أمام قبلة من محسن .!
أو تلك الطريقة الماكرة التي يقنع بها أمه ، حين يقصر رقبته حتى لتكاد توشك على الالتحام بكتفيه ! 
ثم يرسم أسمى آيات البراءة على محياه ، ويترجاها بانكسار أن تسمح له باللعب خارجاً !
وطريقته هذه هي التي سرقها القط الشهير puss في فلم شرِك ! 

الحقيقة أننا كنا نحسد محسن ولا نغبطه طبعاً !


لقد عانينا من آباء متواجدين على الدوام ..

لا يعجز عقلهم الكبير عن ابتكار مئات الذرائع التي تتيح لهم تقييدك وكبتك !
لا يكف أحدهم عن إخبارك عن آلاف الأشياء التي لا يجب عليك فعلها !
والتي سوف تفهم الحكمة من عدم فعلها عندما تكبر !!
أو يصدعون رأسك بالحديث عن آلاف الأشياء الأخرى التي ندموا على عدم فعلها ! 
ويريدون منا أن نفعلها !

وأنا الآن نادم جداً على كل الأشياء التي لم يتسنّ لي فعلها ..

ذاك أني كنت منشغل بفعل الأشياء التي لم يتمكن والدي من فعلها لأنه لم يجد الوقت الكافي ليفعل !!!

لن أخبركم بها ، حتى لا يأتي اليوم الذي يقرأ فيه ابني ( فارس ) هذا الكلام !

هو لم يأت بعد ، لكنني على وشك القيام بذلك بمشيئة الله !

أريده أن يفعل الأشياء التي يريد فعلها ، ويحب فعلها !

لا بد من ( أسامة ) آخر يدعوه لتجربة أول سيجارة !

هذه من أطوار النمو الطبيعية التي يمر بها أي ( بني آدم ) !

سوف يمر بمرحلة يملأ بها حفاضاته بالكثير من الأشياء الـيعّ !
وسوف يقلع عن الحفاضات عندما يكبر ، فقط ليفعل مزيداً من اليعّ ، ولكن هذه المرة على الفراش !!
لن أمنعه من فعل كل ذلك ، لكنني ـ بالتأكيد ـ سوف أكون بجانبه عندما يفعل !
سوف أنظف خلفه !
لن أخبره بأن السجائر سيئة ، وأنه سوف يعرف كم هي ( كخ ) عندما يكبر !!
بل سوف آخذه بنفسي إلى أقرب مستشفى ، وأريه المئات ممن استئصلت حناجرهم !
ومن أصيبوا بالسرطان ، ومن ماتوا !
سوف أفعل كل ذلك ، لكنني قطعاً لن أمنعه من الخروج لأن ( أسامة ) قادر على الدخول إلى بيتي !
مهما تحصنت !! 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق