المشهد الأول :
الوزير خلف مكتبه يقرأ مقالاً للكاتب الشهير المتخصص في شئون المجتمع يتحدث فيه عن المخالفات المتكررة لرجال الهيئة ، وضرورة ردعهم ، ويطالب بشدة بالحد من صلاحياتهم ، ويوجه فيه نداءاً للوزير يناشده إنهاء معاناة المواطنين مع هذا الجهاز ..
ثلاث طرقات على باب المكتب ، ثم يدخل شخص طويل القامة ، حليق الوجه ، له بشرة رمادية اللون ، يرتدي نظارة طبية تشبه قعر بيالات بادريق .. يدور بينهم هذا الحوار
ــ صباح الخير معالي الوزير
ـ صباح النور دكتور وليد
يشير بيده إلى الكرسي ويقول : اتفضل استريح
ثم يقوم من خلف المكتب ويجلس على الكرسي المقابل ويقول :
ـ أنا قرأت الدراسة اللي قدمتها حول جهاز الهيئة ، ولا أخفيك أنا معجب جداً بالآلية اللي وضعتها ، وتصوراتك المستقبلية لاختيار الكوادر وتدريبها ..
ـ اطلاعكم على بحثي معاليكم وثنائكم عليه شرف كبير لي .
ـ بس أنا ما استدعيتك اليوم عشان أناقشك في البحث ، البحث تمت مناقشته مع لجنة متخصصة ، وتمت دراسته ..
يبتسم ابتسامة عريضة ويستطرد : وتم اعتماده أيضاً .
تتهلل أسارير الدكتور وليد ويتمتم بعبارات الشكر .
ينهض الوزير من كرسيه ، ترتسم على وجهه الجدية وهو يقول : بس أنا لي عندك طلب ، وأتمنى إنك ما تخيبني يا أبو رنا !
ينهض الدكتور بدوره وهو يقول : أنا تحت أمر معاليكم .
ـ أبغاك تشرف بنفسك على تطبيق دراستك على أرض الواقع ، ولك مطلق الصلاحيات ، وأنا راح أبرق لرئيس الهيئة وأوجهه بضرورة التعاون التام معك وتيسير مهام عملك .
ابتسامة فرح وفخر تملأ وجه الدكتور ، الوزير يصافحه مصافحة حارة ، يضع يده على كتف الدكتور كناية عن التضامن .
وينتهي المشهد
..
المشهد الثاني
في مقر الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وحول طاولة الاجتماعات ..
الشيخ عبد الوهاب دعا رؤساء فروع الهيئة لاجتماع هام لتعريفهم بالدكتور ..
أصوات همهمة ، أحاديث جانبية .
الشيخ محمد ينحني على أذن الشيخ عبد الوهاب ويهمس : يقولون إن هالدكتور الجديد خريج بريطانيا !
ـ صحيح ، الدكتور وليد عرفة حاصل على الدكتوراة من جامعة ولفرهامبتون ، لكني ما أعرف وش تخصصه بالضبط .
ـ يا شيخ عبد الوهاب ، وما لقوا شخص أنسب من هالدكتور ليعلمنا كيف نطبق هذه الفريضة !
هذا اللي كنا خايفين منه من زمان ، حتى الهيئة ما سلمت من أيدي دعاة التغريب .
الشيخ معاتباً : لا تستعجل يا أبو عمر ، لا نستطيع أن نحكم على الرجل قبل ما نشوف اللي عنده .
قاطعهم دخول الدكتور وليد إلى القاعة ، يحمل بين يديه مجموعة من الملفات ، يحييهم قائلاً :
ـ مساء الخير
الجميع في صوتٍ واحد : وعليكم السلام .
ينهض الشيخ عبد الوهاب مرحباً ، يصافحه بحرارة وهو يقول : مساء النور .
يشير بيده إلى كرسي في رأس الطاولة ويقول : تفضل .
يتخذ الدكتور مكانه فوق كرسيه ، يضع ملفاته أمامه ، يخلع نظارته ويضعها بجانب الملفات ..
يتنقل بنظره بين الوجوه ، الصمت هو سيد الموقف ، البعض نظر له بتشكك ، والبعض الآخر باستغراب وحيرة ..
الدكتور يخرج من جيبه نظارةً خاصة بالقراءة ويضعها فوق أنفه ، يمسك بالملف الأول ، يفتحه ويقول ـ موجهاً حديثه إلى لا أحد ـ :
ـ بين إيدي الآن أكثر من مئتين مقال من كبرى الصحف ، كلها تنتقد أسلوب عمل الجهاز ..
يقاطعه الشيخ محمد قائلاً : عندنا علم فيها كلها يا دكتور ونعرف يقيناً الغرض من وراء كتابتها ..
الدكتور يرخي النظارة قليلاً على أنفه وهو ينظر إلى الشيخ محمد ويقول : ممكن تخليني أكمل !
يعيد وضع النظارة وهو يستطرد : لو سمحتوا ما أبغى أي مقاطعة ..
ترتفع نبرة صوته : أقول إن هالمقالات كلها تتحدث عن وقائع موثقة ، واللي اتضح لي ـ بعد دراسة متأنية ـ إن ما نحتاجه في هذه المرحلة الانتقالية من حياة الهيئة هو الآتي :
( يرفع عينه من فوق الملفات )
أولاً : نحتاج إلى تقليل الصلاحيات المعطاة لرجال الهيئة الميدانيين .
ثانياً : أن يقتصر عملهم على التوعية والتوجيه ولا يمتد إلى التدخل والمواجهة .
ثالثاً : تقليل حجم الاجتهادات الشخصية في حل الأمور .
الشيخ عبد الوهاب يراجع نسخة من الدراسة التي بين يديه في توتر ، وينقل النظر بينها وبين الدكتور ، ولكن دون تعليق ..
رابعاً : تقديم حسن الظن ، والتقليل من حجم الشك والاشتباه .
( الشيخ محمد ينهض برفقة اثنين من رؤساء الفروع ، ويغادروا القاعة ، الدكتور يستمر بطرح نقاطه )
ينتهي المشهد
....
المشهد الثالث
( مكتب الدكتور )
الدكتور وليد يجلس خلف مكتبه يراجع عدداً من طلبات التوظيف ، يخاطب الشيخ عبد الوهاب الذي يجلس في الجهة المقابلة من المكتب : تتصل لي على الشخص هذا لو سمحت ! ثم يناوله الملف
الدكتور عبد الوهاب يستلم الملف ، يلقي نظرة سريعة عليه ، يلاحظ أن تخصصه علمي بحت لا علاقة له بطبيعة عمل الهيئة والذي يقتضي دراية شرعية ..
يرفع نظره تجاه الدكتور ويقول بنبرة هادئة : لو سمحت لي يا دكتور .
الدكتور يرخي النظارة على أنفه ، وينظر للشيخ بعينيه دون أن يرفع رأسه : تفضل !
أنا اطلعت على مذكرتكم ، واستبشرت خير بالتطور اللي رسمته أنت بكل عناية ودقة وتفصيل .!
كنت تتحدث عن تطوير أدوات العمل ، وتعزيز الثقة في الكوادر ، ومن ثم تدريبهم ، والرفع من قدراتهم .!
لكنك عندما تحدثت في الاجتماع يعني كأنك خرجت شوي عن المسار اللي أنت حددته !
( الدكتور يعتدل بكرسيه ، يرفع كوب الشاي ويرتشف رشفة ، ثم يعيده ، يمسك بملف أمامه ويقلب صفحاته ، ثم يرفعه بيده اليمنى وهو يخاطب الشيخ :
شوف ، أنا حاب أوضح لك شيء يا أبو عبد العزيز .. الوضع المتردي اللي وصلت له الهيئة ـ وأنا ما أتحدث من فراغ أنا كما سبق وقلت لك عندي أدلة موثقة ـ ما يسمح لي إني أبدأ عملية التطور وأبنيها على أسس مهترئة وفاسدة !
( تتغير ملامح الشيخ ، يقول باستنكار ) : فاسدة !
ينهض الدكتور : نعم فاسدة يا شيخ عبد الوهاب !
ترتفع نبرة صوته : ولا ما تقول لي وش تسمي عملية مطاردة يقوم بها رجال الهيئة لشاب ثم يتسببون بحادث أليم لمجرد أنهم اشتبهوا بالفتاة اللي معاه !
الشيخ عبد الوهاب محاولاً الحفاظ على هدوئه : الرد على هذه الجزئية فقط يا دكتور يحتاج وقتاً طويلاً جداً ، وأنت تحكم على فساد جهاز كامل من خلال بعض المقالات !
هذا ما تسميه توثيق !!
ـ المقالات ترقى لأن تكون توثيقاً عندما تتفق مع أقوال الشهود ، ومحاضر التحقيق ، و ..
يقاطعه الشيخ للمرة الأولى : من هم الشهود يا دكتور !
هذا المقال لدينا منه مئات النسخ !!
كلها بنفس الكيفية ولكن بتغيير الموقع ، دائماً هناك سيارة الهيئة التي طاردت شاباً ، ثم اتضح أنه بريء !
ودائماً هناك أقوال الشهود ، ولكن لا أحد يتساءل من هم الشهود !!
هذه من نوعية الحكايات التي يسمعها البعض بكثرة لدرجة أنه بدأ يعتقد هو نفسه أنه رآها !!
يا دكتور ، المطاردات الخاطئة ـ وهذه مخالفة صريحة للتوجيهات أنا أقر وأعترف ـ تحصل في كل القطاعات الأمنية ، والكثير منها يتضح أنه تم بناء على اشتباه خاطئ !
لكن لولا الاشتباه ، والنظرة الأمنية الثاقبة التي يتمتع بها رجال الهيئة الضليعون ، لما تم الكشف عن الكثير من المؤامرات التي تستهدف أمن هذا البلد !!
( الدكتور بأسلوب من ينهي الحوار ) يا شيخ عبد الوهاب أنا بالأمس كنت أثني عليك أمام معالي الوزير ! وبتعاونك ! لا تخليني أعتقد بأنك ترغب في اعتراض طريقنا للتطوير !!
الشيخ عبد الوهاب ينسحب غاضباً .. الدكتور يرتشف الشاي
و ينتهي المشهد
....
..
المشهد الرابع
الشيخ عبد الوهاب في مكتبه ، يضع اللمسات النهائية لمقال يرد فيه على اتهام وجهته إحدى الصحف ، ينتقد فيه التحامل الواضح من الصحيفة ، دون التأكد والتيقن .
صوت طرقات هادئة ، يرفع رأسه ويأذن للطارق بالدخول :
يدخل شاب نحيل ، له شارب رفيع ، حليق اللحية ، يسلم على الشيخ ، الشيخ يرد عليه السلام ويشير بيده لكي يجلس !
يجلس الشاب ، يبتسم الشيخ بوجهه ويقول : تفضل !
( الشاب بيده اليمنى التي يزين بنصرها خاتم باكستاني يعدل من وضعية شماغه خلف رأسه ) :
أنا أنهيت فترة التدريب الميداني اللي كان يشرف عليها الأستاذ رامي والآن جاي عشان أباشر العمل تحت إشرافكم !
الشيخ باستغراب شديد : أي تدريب ميداني ! ومين رامي هذا !
أنت متأكد إنك مو جاي غلط !
الشاب يبتسم : لا يا شيخ أنا ما جيت غلط ، وردني اتصال من حوالي عشرة أيام وقال المتصل إنه من مكتبكم !
وجيت بناء على الاتصال ، وتمت مقابلتي ، وقبولي مبدئياً ، وأخذت دورة شاملة ، وأرسلني عندك الأستاذ رامي عشان أبدأ عملي !
( يسلم بيده بعض الأوراق للشيخ )
وينتهي المشهد
...
..
المشهد الخامس :
الكاتب الشهير المتخصص في شئون المجتمع في منزله ، أمام جهاز الحاسب الآلي المحمول ، يضغط على ملف وورد على سطح المكتب ، فيفتح مقالاً بتاريخ قديم يتحدث فيه عن المخالفات المتكررة لرجال الهيئة ، وضرورة ردعهم ، ويطالب بشدة بالحد من صلاحياتهم ، ويوجه فيه نداءاً للوزير يناشده إنهاء معاناة المواطنين مع هذا الجهاز ..
ثم يتخيل سيناريو شائع الحدوث عن اشتباه رجال الهيئة في مواطن مع فتاة ، ثم معاملتهم إياهم بأسلوب خشن وجاف ، ومسيئ أمام حشود المتسوقين ! ثم يتحدث عن أقوال الشهود المستائين من الأساليب الوحشية لرجال الهيئة ! ومطالبتهم الأجهزة المختصة بمحاسبتهم وردعهم !
ثم كالعادة في نهاية هذه النوعية من المقالات ( يتضح أن المرأة كانت زوجته ) !!
ينسخ المقال ثم يلصقه في صفحة البريد ويرسله إلى الجريدة
وينتهي المشهد
....
..
المشهد السادس :
أمام أحد الأسواق ، رجال الهيئة يقدمون اعتذارهم لأحد الشباب الذين تحفظوا عليه لفترة تزيد عن الساعة بناء على اشتباه خاطئ ، يشرحون له بكل خجل أن بعض المغرضين قد يسيئون ببلاغاتهم وأن التحفظ عليه تم فقط للتيقن ، وأنهم أخلوا سبيله بمجرد تأكدهم من سلامة موقفه !
الشاب يقلب رأسه يميناً وشمالاً ويقول معاتباً : أنا ما عندي مانع ، أنا أقبل اعتذاركم ، الله يقويكم ويوفقكم !
لكن أنتم ما عرفتوا وين المشكلة الحين !!
لو حجزتني دورية إن شاء الله لو مية يوم ، ماحد يتساءل عن الذنب اللي أنا ارتكبته ! لكن يوم أنتم توقفوني خمس دقائق ، الكل ينظر لي وكأني نجس ! الكل يرسم في ذهنه تخيل للجريمة المخلة بالشرف اللي أكيد إني ارتكبتها !
الشيخ يطبطب على كتفه : حنا ثقتنا بالشباب اللي مثلك كبيرة ، ضعفاء القلوب يتحدثون في كل الأحوال ! أنت لن تستطيع أن تمنعهم ، ونحن لا نستطيع أن نترك عملنا لمجرد أن هناك من يتحدث !
طيب تصدق إننا نتعرض يومياً لمئات الشتائم التي تمس الدين والعرض والوطنية ، ومع ذلك نتحمل !
مئات الاتهامات اليومية ، والتهديدات !
لكن كل ذلك لا يمنع أننا نتحمل كل ذلك في سبيل شيء أعظم ..
ألا يرضيك أن تضحي بموقف محرج لمدة خمس دقائق ، مقابل أن تستمر مسيرة هذا البلد الكريم ، التي أسست على الدين !
( يستمر الحوار اللطيف لمدة دقيقتين تقريباً )
و ينتهي المشهد
....
..
المشهد السابع :
في ممر صغير بين مكاتب الرئاسة العامة للهيئة ، أصوات الدكتور وليد والشيخ عبد الوهاب المرتفعة تتعالى :
الدكتور يصرخ وهو يلوح بيديه : وش الكلام الفاضي هذا ! هذه فريضة على كل مسلم ، من حق أي إنسان إنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر !
رجل الهيئة مو أيقونة محددة ما نستطيع تغييرها !
الشيخ يرد بصوتٍ هادر : نحن لم نتحدث عن أي صور نمطية لرجل الهيئة ، لكنك توظف أناس مثلك تماماً تخصصاتهم ليس لها علاقة من قريب أو من بعيد بالعلم الشرعي !
دكتوراة في الاقتصاد ؟ مدرس تربية فنية ! شخص يعتقد أن ابن تيمية هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي !!
ثم إننا نتحدث عن المنطق ، حتى في شئون الحياة ، من حق أي إنسان أن يمارس الرياضة ، مهما كان شكله ، أو جنسه ، لكن عندما يهب نفسه لخدمة الرياضة فإنك سوف تتوقع حالة خاصة يتمتع بها هذا الرياضي ! جسم متناسق ، ممشوق ، حضور ذهني وبدني !!
الدكتور يرد : ليس شرطاً ، أنت ما تشوف لعيبتنا !! عمال البنزين في محطة الدريس يتمتعون ببنية رياضية أفضل منهم ! ومع ذلك شحليلهم يلعبون ويمثلون منتخب !!
الشيخ بنبرة ساخرة : تماماً ، أنت تؤيد فكرتي ، هذا هو ما يحصل عندما يوكل الأمر لغير أهله !!
أنا لا أقول بأن المظهر يدل بالضرورة على الجوهر ، ربما يكون هذا الشخص الذي لا يعجبني مظهره أشد خوفاً لله مني ، لكنني أقول أنه بالضرورة أن ينعكس جمال الجوهر على المظهر !!
الشخص الذي يهب وقته لخدمة هذه الفريضة العظيمة ، هو شخص التزم التزاماً تاماً بتعاليم المصطفى عليه الصلاة والسلام ، التزم بها التزاماً ينعكس حتى على مظهره !!
( الدكتور يكمل طريقه في رغبةٍ واضحة لإنهاء الحوار )
وينتهي المشهد
...
..
المشهد الثامن :
الشيخ عبد الوهاب يقدم استقالته
..
..
المشهد التاسع
وبعد مرور سنتين
( أمام أحد مقاهي الشيشة ، سيارة صغيرة ، يقف أمامها شيخ كهل ، يوزع أشرطة توعوية للشباب ، يسلم على شاب صغير لم يتجاوز السابعة عشر ، يبتسم في وجهه بكل عطف وحنان ، يقول له : والله ما لهذا خلقت يا ولدي ! إنك تضيع وقتك فيما يضر جسدك ! هل تريد أن يقبض الله روحك وأنت في هذا المكان ! هل تريد أن يزف الخبر إلى أمك ، ابنك مات في مقهى شيشة !!
الشاب يأخذ الشريط ، ويقفل راجعاً من حيث أتى )
وينتهي المشهد ..
...
..
المشهد الأخير
برضه بعد مرور سنتين :
( في قاعة الاجتماعات ، الدكتور وبعض كبار قادة الهيئة ، يحضرون اجتماعاً هاماً جداً لتقديم آخر مقترحات الشيخ فهد لتطوير عمل الهيئة ، الشيخ فهد بالمناسبة هو خريج علوم اجتماعية
يقوم الشيخ فهد ، يعدل وضع عقاله ، يطفئ سيجارته في مطفئة السجائر ، يتوجه إلى الباب ، يفتحه ويقول لمن في الخارج : تفضل يا شيخ طوني
يدخل شاب طويل القامة ، عريض المنكبين ، له شعر أشقر مصفف بعناية ، وسيم ، حليق الوجه تماماً ، يضع صليباً في قلادة فضية حول عنقه ..
يقول : بونجور !
الدكتور وليد يفتح يديه على شكل حضن : أهلين وسهلين ، شو هيدا ، شو هالحلاوة يا طوني !!
الشيخ فهد يقدم الشيخ طوني بحماس :
يا شيخ دكتور أبو رنا ، هذا الشيخ طوني شيخ جديد معنا !
شخص من الجلوس يتسائل : بس ما تسنه مسيحي !
يرد الشيخ فهد : أحسن شي ، مسيحي ، يعني صفحته بيضا ، ابن أمه يجي يقول هذا كان مفحط وداشر همّن تاب !! ولا زاحف وبعدين التزم !!
تصدق إننا عطيناه بس مواعيد الصلوات ونزلناه للملكة ، يا ربييه يا دكتور شيخ وليد ، نص البنات اللي في المول جو يسألونه عن موقع مصلى النساء !!
وبعدين هذا كان شغال بودي جارد مع أليسا ، يعني ما عنده مشكلة لو يشوف له واحدن خام له وحدة الساعة ثنتين في موقف سيارات ( ضاقت الأماكن ، قطاوة ! ) وش لقفه هو !! مو يمكن تطلع حرمته !!
تنسحب الكاميرا ببطئ ، حتى تخرج من السقف ، تنتقل بين طرقات مدينة الرياض ، تمر على الشيخ عبد الوهاب في موقعه أمام مقهى آخر ، حتى تصل إلى قصر فخم ، في حديقة المنزل ، أمام المسبح :
الكاتب الشهير المتخصص في شئون المجتمع في منزله ، أمام جهاز الحاسب الآلي المحمول ، يضغط على ملف وورد على سطح المكتب ، فيفتح مقالاً بتاريخ قديم يتحدث فيه عن المخالفات المتكررة لرجال الهيئة ، وضرورة ردعهم ، ويطالب بشدة بالحد من صلاحياتهم ، ويوجه فيه نداءاً للوزير يناشده إنهاء معاناة المواطنين مع هذا الجهاز ..
ثم يتخيل سيناريو شائع الحدوث عن اشتباه رجال الهيئة في مواطن مع فتاة ، ثم معاملتهم إياهم بأسلوب خشن وجاف ، ومسيئ أمام حشود المتسوقين ! ثم يتحدث عن أقوال الشهود المستائين من الأساليب الوحشية لرجال الهيئة ! ومطالبتهم الأجهزة المختصة بمحاسبتهم وردعهم !
ثم كالعادة في نهاية هذه النوعية من المقالات ( يتضح أن المرأة كانت زوجته ) !!
ينسخ المقال ثم يلصقه في صفحة البريد ويرسله إلى الجريدة
وينتهي المشهد ..
عمل الطالب : ابن أبي فداغة
الوزير خلف مكتبه يقرأ مقالاً للكاتب الشهير المتخصص في شئون المجتمع يتحدث فيه عن المخالفات المتكررة لرجال الهيئة ، وضرورة ردعهم ، ويطالب بشدة بالحد من صلاحياتهم ، ويوجه فيه نداءاً للوزير يناشده إنهاء معاناة المواطنين مع هذا الجهاز ..
ثلاث طرقات على باب المكتب ، ثم يدخل شخص طويل القامة ، حليق الوجه ، له بشرة رمادية اللون ، يرتدي نظارة طبية تشبه قعر بيالات بادريق .. يدور بينهم هذا الحوار
ــ صباح الخير معالي الوزير
ـ صباح النور دكتور وليد
يشير بيده إلى الكرسي ويقول : اتفضل استريح
ثم يقوم من خلف المكتب ويجلس على الكرسي المقابل ويقول :
ـ أنا قرأت الدراسة اللي قدمتها حول جهاز الهيئة ، ولا أخفيك أنا معجب جداً بالآلية اللي وضعتها ، وتصوراتك المستقبلية لاختيار الكوادر وتدريبها ..
ـ اطلاعكم على بحثي معاليكم وثنائكم عليه شرف كبير لي .
ـ بس أنا ما استدعيتك اليوم عشان أناقشك في البحث ، البحث تمت مناقشته مع لجنة متخصصة ، وتمت دراسته ..
يبتسم ابتسامة عريضة ويستطرد : وتم اعتماده أيضاً .
تتهلل أسارير الدكتور وليد ويتمتم بعبارات الشكر .
ينهض الوزير من كرسيه ، ترتسم على وجهه الجدية وهو يقول : بس أنا لي عندك طلب ، وأتمنى إنك ما تخيبني يا أبو رنا !
ينهض الدكتور بدوره وهو يقول : أنا تحت أمر معاليكم .
ـ أبغاك تشرف بنفسك على تطبيق دراستك على أرض الواقع ، ولك مطلق الصلاحيات ، وأنا راح أبرق لرئيس الهيئة وأوجهه بضرورة التعاون التام معك وتيسير مهام عملك .
ابتسامة فرح وفخر تملأ وجه الدكتور ، الوزير يصافحه مصافحة حارة ، يضع يده على كتف الدكتور كناية عن التضامن .
وينتهي المشهد
..
المشهد الثاني
في مقر الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وحول طاولة الاجتماعات ..
الشيخ عبد الوهاب دعا رؤساء فروع الهيئة لاجتماع هام لتعريفهم بالدكتور ..
أصوات همهمة ، أحاديث جانبية .
الشيخ محمد ينحني على أذن الشيخ عبد الوهاب ويهمس : يقولون إن هالدكتور الجديد خريج بريطانيا !
ـ صحيح ، الدكتور وليد عرفة حاصل على الدكتوراة من جامعة ولفرهامبتون ، لكني ما أعرف وش تخصصه بالضبط .
ـ يا شيخ عبد الوهاب ، وما لقوا شخص أنسب من هالدكتور ليعلمنا كيف نطبق هذه الفريضة !
هذا اللي كنا خايفين منه من زمان ، حتى الهيئة ما سلمت من أيدي دعاة التغريب .
الشيخ معاتباً : لا تستعجل يا أبو عمر ، لا نستطيع أن نحكم على الرجل قبل ما نشوف اللي عنده .
قاطعهم دخول الدكتور وليد إلى القاعة ، يحمل بين يديه مجموعة من الملفات ، يحييهم قائلاً :
ـ مساء الخير
الجميع في صوتٍ واحد : وعليكم السلام .
ينهض الشيخ عبد الوهاب مرحباً ، يصافحه بحرارة وهو يقول : مساء النور .
يشير بيده إلى كرسي في رأس الطاولة ويقول : تفضل .
يتخذ الدكتور مكانه فوق كرسيه ، يضع ملفاته أمامه ، يخلع نظارته ويضعها بجانب الملفات ..
يتنقل بنظره بين الوجوه ، الصمت هو سيد الموقف ، البعض نظر له بتشكك ، والبعض الآخر باستغراب وحيرة ..
الدكتور يخرج من جيبه نظارةً خاصة بالقراءة ويضعها فوق أنفه ، يمسك بالملف الأول ، يفتحه ويقول ـ موجهاً حديثه إلى لا أحد ـ :
ـ بين إيدي الآن أكثر من مئتين مقال من كبرى الصحف ، كلها تنتقد أسلوب عمل الجهاز ..
يقاطعه الشيخ محمد قائلاً : عندنا علم فيها كلها يا دكتور ونعرف يقيناً الغرض من وراء كتابتها ..
الدكتور يرخي النظارة قليلاً على أنفه وهو ينظر إلى الشيخ محمد ويقول : ممكن تخليني أكمل !
يعيد وضع النظارة وهو يستطرد : لو سمحتوا ما أبغى أي مقاطعة ..
ترتفع نبرة صوته : أقول إن هالمقالات كلها تتحدث عن وقائع موثقة ، واللي اتضح لي ـ بعد دراسة متأنية ـ إن ما نحتاجه في هذه المرحلة الانتقالية من حياة الهيئة هو الآتي :
( يرفع عينه من فوق الملفات )
أولاً : نحتاج إلى تقليل الصلاحيات المعطاة لرجال الهيئة الميدانيين .
ثانياً : أن يقتصر عملهم على التوعية والتوجيه ولا يمتد إلى التدخل والمواجهة .
ثالثاً : تقليل حجم الاجتهادات الشخصية في حل الأمور .
الشيخ عبد الوهاب يراجع نسخة من الدراسة التي بين يديه في توتر ، وينقل النظر بينها وبين الدكتور ، ولكن دون تعليق ..
رابعاً : تقديم حسن الظن ، والتقليل من حجم الشك والاشتباه .
( الشيخ محمد ينهض برفقة اثنين من رؤساء الفروع ، ويغادروا القاعة ، الدكتور يستمر بطرح نقاطه )
ينتهي المشهد
....
المشهد الثالث
( مكتب الدكتور )
الدكتور وليد يجلس خلف مكتبه يراجع عدداً من طلبات التوظيف ، يخاطب الشيخ عبد الوهاب الذي يجلس في الجهة المقابلة من المكتب : تتصل لي على الشخص هذا لو سمحت ! ثم يناوله الملف
الدكتور عبد الوهاب يستلم الملف ، يلقي نظرة سريعة عليه ، يلاحظ أن تخصصه علمي بحت لا علاقة له بطبيعة عمل الهيئة والذي يقتضي دراية شرعية ..
يرفع نظره تجاه الدكتور ويقول بنبرة هادئة : لو سمحت لي يا دكتور .
الدكتور يرخي النظارة على أنفه ، وينظر للشيخ بعينيه دون أن يرفع رأسه : تفضل !
أنا اطلعت على مذكرتكم ، واستبشرت خير بالتطور اللي رسمته أنت بكل عناية ودقة وتفصيل .!
كنت تتحدث عن تطوير أدوات العمل ، وتعزيز الثقة في الكوادر ، ومن ثم تدريبهم ، والرفع من قدراتهم .!
لكنك عندما تحدثت في الاجتماع يعني كأنك خرجت شوي عن المسار اللي أنت حددته !
( الدكتور يعتدل بكرسيه ، يرفع كوب الشاي ويرتشف رشفة ، ثم يعيده ، يمسك بملف أمامه ويقلب صفحاته ، ثم يرفعه بيده اليمنى وهو يخاطب الشيخ :
شوف ، أنا حاب أوضح لك شيء يا أبو عبد العزيز .. الوضع المتردي اللي وصلت له الهيئة ـ وأنا ما أتحدث من فراغ أنا كما سبق وقلت لك عندي أدلة موثقة ـ ما يسمح لي إني أبدأ عملية التطور وأبنيها على أسس مهترئة وفاسدة !
( تتغير ملامح الشيخ ، يقول باستنكار ) : فاسدة !
ينهض الدكتور : نعم فاسدة يا شيخ عبد الوهاب !
ترتفع نبرة صوته : ولا ما تقول لي وش تسمي عملية مطاردة يقوم بها رجال الهيئة لشاب ثم يتسببون بحادث أليم لمجرد أنهم اشتبهوا بالفتاة اللي معاه !
الشيخ عبد الوهاب محاولاً الحفاظ على هدوئه : الرد على هذه الجزئية فقط يا دكتور يحتاج وقتاً طويلاً جداً ، وأنت تحكم على فساد جهاز كامل من خلال بعض المقالات !
هذا ما تسميه توثيق !!
ـ المقالات ترقى لأن تكون توثيقاً عندما تتفق مع أقوال الشهود ، ومحاضر التحقيق ، و ..
يقاطعه الشيخ للمرة الأولى : من هم الشهود يا دكتور !
هذا المقال لدينا منه مئات النسخ !!
كلها بنفس الكيفية ولكن بتغيير الموقع ، دائماً هناك سيارة الهيئة التي طاردت شاباً ، ثم اتضح أنه بريء !
ودائماً هناك أقوال الشهود ، ولكن لا أحد يتساءل من هم الشهود !!
هذه من نوعية الحكايات التي يسمعها البعض بكثرة لدرجة أنه بدأ يعتقد هو نفسه أنه رآها !!
يا دكتور ، المطاردات الخاطئة ـ وهذه مخالفة صريحة للتوجيهات أنا أقر وأعترف ـ تحصل في كل القطاعات الأمنية ، والكثير منها يتضح أنه تم بناء على اشتباه خاطئ !
لكن لولا الاشتباه ، والنظرة الأمنية الثاقبة التي يتمتع بها رجال الهيئة الضليعون ، لما تم الكشف عن الكثير من المؤامرات التي تستهدف أمن هذا البلد !!
( الدكتور بأسلوب من ينهي الحوار ) يا شيخ عبد الوهاب أنا بالأمس كنت أثني عليك أمام معالي الوزير ! وبتعاونك ! لا تخليني أعتقد بأنك ترغب في اعتراض طريقنا للتطوير !!
الشيخ عبد الوهاب ينسحب غاضباً .. الدكتور يرتشف الشاي
و ينتهي المشهد
....
..
المشهد الرابع
الشيخ عبد الوهاب في مكتبه ، يضع اللمسات النهائية لمقال يرد فيه على اتهام وجهته إحدى الصحف ، ينتقد فيه التحامل الواضح من الصحيفة ، دون التأكد والتيقن .
صوت طرقات هادئة ، يرفع رأسه ويأذن للطارق بالدخول :
يدخل شاب نحيل ، له شارب رفيع ، حليق اللحية ، يسلم على الشيخ ، الشيخ يرد عليه السلام ويشير بيده لكي يجلس !
يجلس الشاب ، يبتسم الشيخ بوجهه ويقول : تفضل !
( الشاب بيده اليمنى التي يزين بنصرها خاتم باكستاني يعدل من وضعية شماغه خلف رأسه ) :
أنا أنهيت فترة التدريب الميداني اللي كان يشرف عليها الأستاذ رامي والآن جاي عشان أباشر العمل تحت إشرافكم !
الشيخ باستغراب شديد : أي تدريب ميداني ! ومين رامي هذا !
أنت متأكد إنك مو جاي غلط !
الشاب يبتسم : لا يا شيخ أنا ما جيت غلط ، وردني اتصال من حوالي عشرة أيام وقال المتصل إنه من مكتبكم !
وجيت بناء على الاتصال ، وتمت مقابلتي ، وقبولي مبدئياً ، وأخذت دورة شاملة ، وأرسلني عندك الأستاذ رامي عشان أبدأ عملي !
( يسلم بيده بعض الأوراق للشيخ )
وينتهي المشهد
...
..
المشهد الخامس :
الكاتب الشهير المتخصص في شئون المجتمع في منزله ، أمام جهاز الحاسب الآلي المحمول ، يضغط على ملف وورد على سطح المكتب ، فيفتح مقالاً بتاريخ قديم يتحدث فيه عن المخالفات المتكررة لرجال الهيئة ، وضرورة ردعهم ، ويطالب بشدة بالحد من صلاحياتهم ، ويوجه فيه نداءاً للوزير يناشده إنهاء معاناة المواطنين مع هذا الجهاز ..
ثم يتخيل سيناريو شائع الحدوث عن اشتباه رجال الهيئة في مواطن مع فتاة ، ثم معاملتهم إياهم بأسلوب خشن وجاف ، ومسيئ أمام حشود المتسوقين ! ثم يتحدث عن أقوال الشهود المستائين من الأساليب الوحشية لرجال الهيئة ! ومطالبتهم الأجهزة المختصة بمحاسبتهم وردعهم !
ثم كالعادة في نهاية هذه النوعية من المقالات ( يتضح أن المرأة كانت زوجته ) !!
ينسخ المقال ثم يلصقه في صفحة البريد ويرسله إلى الجريدة
وينتهي المشهد
....
..
المشهد السادس :
أمام أحد الأسواق ، رجال الهيئة يقدمون اعتذارهم لأحد الشباب الذين تحفظوا عليه لفترة تزيد عن الساعة بناء على اشتباه خاطئ ، يشرحون له بكل خجل أن بعض المغرضين قد يسيئون ببلاغاتهم وأن التحفظ عليه تم فقط للتيقن ، وأنهم أخلوا سبيله بمجرد تأكدهم من سلامة موقفه !
الشاب يقلب رأسه يميناً وشمالاً ويقول معاتباً : أنا ما عندي مانع ، أنا أقبل اعتذاركم ، الله يقويكم ويوفقكم !
لكن أنتم ما عرفتوا وين المشكلة الحين !!
لو حجزتني دورية إن شاء الله لو مية يوم ، ماحد يتساءل عن الذنب اللي أنا ارتكبته ! لكن يوم أنتم توقفوني خمس دقائق ، الكل ينظر لي وكأني نجس ! الكل يرسم في ذهنه تخيل للجريمة المخلة بالشرف اللي أكيد إني ارتكبتها !
الشيخ يطبطب على كتفه : حنا ثقتنا بالشباب اللي مثلك كبيرة ، ضعفاء القلوب يتحدثون في كل الأحوال ! أنت لن تستطيع أن تمنعهم ، ونحن لا نستطيع أن نترك عملنا لمجرد أن هناك من يتحدث !
طيب تصدق إننا نتعرض يومياً لمئات الشتائم التي تمس الدين والعرض والوطنية ، ومع ذلك نتحمل !
مئات الاتهامات اليومية ، والتهديدات !
لكن كل ذلك لا يمنع أننا نتحمل كل ذلك في سبيل شيء أعظم ..
ألا يرضيك أن تضحي بموقف محرج لمدة خمس دقائق ، مقابل أن تستمر مسيرة هذا البلد الكريم ، التي أسست على الدين !
( يستمر الحوار اللطيف لمدة دقيقتين تقريباً )
و ينتهي المشهد
....
..
المشهد السابع :
في ممر صغير بين مكاتب الرئاسة العامة للهيئة ، أصوات الدكتور وليد والشيخ عبد الوهاب المرتفعة تتعالى :
الدكتور يصرخ وهو يلوح بيديه : وش الكلام الفاضي هذا ! هذه فريضة على كل مسلم ، من حق أي إنسان إنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر !
رجل الهيئة مو أيقونة محددة ما نستطيع تغييرها !
الشيخ يرد بصوتٍ هادر : نحن لم نتحدث عن أي صور نمطية لرجل الهيئة ، لكنك توظف أناس مثلك تماماً تخصصاتهم ليس لها علاقة من قريب أو من بعيد بالعلم الشرعي !
دكتوراة في الاقتصاد ؟ مدرس تربية فنية ! شخص يعتقد أن ابن تيمية هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي !!
ثم إننا نتحدث عن المنطق ، حتى في شئون الحياة ، من حق أي إنسان أن يمارس الرياضة ، مهما كان شكله ، أو جنسه ، لكن عندما يهب نفسه لخدمة الرياضة فإنك سوف تتوقع حالة خاصة يتمتع بها هذا الرياضي ! جسم متناسق ، ممشوق ، حضور ذهني وبدني !!
الدكتور يرد : ليس شرطاً ، أنت ما تشوف لعيبتنا !! عمال البنزين في محطة الدريس يتمتعون ببنية رياضية أفضل منهم ! ومع ذلك شحليلهم يلعبون ويمثلون منتخب !!
الشيخ بنبرة ساخرة : تماماً ، أنت تؤيد فكرتي ، هذا هو ما يحصل عندما يوكل الأمر لغير أهله !!
أنا لا أقول بأن المظهر يدل بالضرورة على الجوهر ، ربما يكون هذا الشخص الذي لا يعجبني مظهره أشد خوفاً لله مني ، لكنني أقول أنه بالضرورة أن ينعكس جمال الجوهر على المظهر !!
الشخص الذي يهب وقته لخدمة هذه الفريضة العظيمة ، هو شخص التزم التزاماً تاماً بتعاليم المصطفى عليه الصلاة والسلام ، التزم بها التزاماً ينعكس حتى على مظهره !!
( الدكتور يكمل طريقه في رغبةٍ واضحة لإنهاء الحوار )
وينتهي المشهد
...
..
المشهد الثامن :
الشيخ عبد الوهاب يقدم استقالته
..
..
المشهد التاسع
وبعد مرور سنتين
( أمام أحد مقاهي الشيشة ، سيارة صغيرة ، يقف أمامها شيخ كهل ، يوزع أشرطة توعوية للشباب ، يسلم على شاب صغير لم يتجاوز السابعة عشر ، يبتسم في وجهه بكل عطف وحنان ، يقول له : والله ما لهذا خلقت يا ولدي ! إنك تضيع وقتك فيما يضر جسدك ! هل تريد أن يقبض الله روحك وأنت في هذا المكان ! هل تريد أن يزف الخبر إلى أمك ، ابنك مات في مقهى شيشة !!
الشاب يأخذ الشريط ، ويقفل راجعاً من حيث أتى )
وينتهي المشهد ..
...
..
المشهد الأخير
برضه بعد مرور سنتين :
( في قاعة الاجتماعات ، الدكتور وبعض كبار قادة الهيئة ، يحضرون اجتماعاً هاماً جداً لتقديم آخر مقترحات الشيخ فهد لتطوير عمل الهيئة ، الشيخ فهد بالمناسبة هو خريج علوم اجتماعية
يقوم الشيخ فهد ، يعدل وضع عقاله ، يطفئ سيجارته في مطفئة السجائر ، يتوجه إلى الباب ، يفتحه ويقول لمن في الخارج : تفضل يا شيخ طوني
يدخل شاب طويل القامة ، عريض المنكبين ، له شعر أشقر مصفف بعناية ، وسيم ، حليق الوجه تماماً ، يضع صليباً في قلادة فضية حول عنقه ..
يقول : بونجور !
الدكتور وليد يفتح يديه على شكل حضن : أهلين وسهلين ، شو هيدا ، شو هالحلاوة يا طوني !!
الشيخ فهد يقدم الشيخ طوني بحماس :
يا شيخ دكتور أبو رنا ، هذا الشيخ طوني شيخ جديد معنا !
شخص من الجلوس يتسائل : بس ما تسنه مسيحي !
يرد الشيخ فهد : أحسن شي ، مسيحي ، يعني صفحته بيضا ، ابن أمه يجي يقول هذا كان مفحط وداشر همّن تاب !! ولا زاحف وبعدين التزم !!
تصدق إننا عطيناه بس مواعيد الصلوات ونزلناه للملكة ، يا ربييه يا دكتور شيخ وليد ، نص البنات اللي في المول جو يسألونه عن موقع مصلى النساء !!
وبعدين هذا كان شغال بودي جارد مع أليسا ، يعني ما عنده مشكلة لو يشوف له واحدن خام له وحدة الساعة ثنتين في موقف سيارات ( ضاقت الأماكن ، قطاوة ! ) وش لقفه هو !! مو يمكن تطلع حرمته !!
تنسحب الكاميرا ببطئ ، حتى تخرج من السقف ، تنتقل بين طرقات مدينة الرياض ، تمر على الشيخ عبد الوهاب في موقعه أمام مقهى آخر ، حتى تصل إلى قصر فخم ، في حديقة المنزل ، أمام المسبح :
الكاتب الشهير المتخصص في شئون المجتمع في منزله ، أمام جهاز الحاسب الآلي المحمول ، يضغط على ملف وورد على سطح المكتب ، فيفتح مقالاً بتاريخ قديم يتحدث فيه عن المخالفات المتكررة لرجال الهيئة ، وضرورة ردعهم ، ويطالب بشدة بالحد من صلاحياتهم ، ويوجه فيه نداءاً للوزير يناشده إنهاء معاناة المواطنين مع هذا الجهاز ..
ثم يتخيل سيناريو شائع الحدوث عن اشتباه رجال الهيئة في مواطن مع فتاة ، ثم معاملتهم إياهم بأسلوب خشن وجاف ، ومسيئ أمام حشود المتسوقين ! ثم يتحدث عن أقوال الشهود المستائين من الأساليب الوحشية لرجال الهيئة ! ومطالبتهم الأجهزة المختصة بمحاسبتهم وردعهم !
ثم كالعادة في نهاية هذه النوعية من المقالات ( يتضح أن المرأة كانت زوجته ) !!
ينسخ المقال ثم يلصقه في صفحة البريد ويرسله إلى الجريدة
وينتهي المشهد ..
عمل الطالب : ابن أبي فداغة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق